Светлой памяти Нины Макаровны Чередеевой-


invent, اخترع, erfinden

الإنسان لا يخترع مفردات اللغة، بدليل غياب مفهوم 'الاختراع' نفسه في اللغة البشرية، فصيغة اخترع (افتعل) في العربية مشتقة من خرع، أي 'شق'، ما يشير إلى أن الاختراع لا يعدو كونه 'اشتقاقا'، أي استنباط شيء من آخر موجود أصلا. لو كانت الحالة مقتصرة على العربية وحدها لعُدّت صدفة، لكنها متواترة في لغات أوروبية وغير أوروبية عديدة، بدءا بالفرنسية (منها الانكليزية) invention التي تفيد 'الاختراع' لكنها تعني في أصلها اللاتيني 'العثور' على شيء ما (أي 'التعثر' به)، ما يذكر بالإنكليزية to come upon، إشارة إلى أن مادة الشيء "المخترع" موجودة أصلا قبل "اختراعها". أما في الألمانية، فيعود فعل erfinden 'اخترع' إلى جذر find 'عثر' الجلي تماماً في الإنكليزية. الأمر يتكرر بحذافيره في الروسية [изобрести [izobrestí 'اخترع' التي يعود أصلها إلى فعل resti 'عثر' الذي ما زال - رغم انقراضه في اللغات السلافية - يشع من خلال عماتها البلطية، لا سيما الليتوانية rasti 'عثر' التي انبثق منها فعل išrasti 'اخترع'. الظاهرة نفسها تتجلى في المجرية (المستقلة عن الجميع) feltalál 'اخترع'، المشتقة من talál 'عثر'، وكذلك في اليونانية εφευρίσκω [efeurísko] 'اخترع' المشتقة من ευρίσκω [eurísko] 'عثر'. وبما أن الفعل اليوناني يرد بصيغة المضارع المتكلم، تكون صيغة ماضيه [εὕρηκα [éureka 'عثرتُ' - أو 'وجدتُـ(ـها)'، استذكارا لصرخة أرخميدس التاريخية. اللاوعي اللغوي خزان عابر للزمان والمكان تختمر فيه مفردات اللغة فتتطور دلالاتها بتطور حركتها، متخذة أبعادا مجازية تدريجية تؤدي في نهاية المطاف إلى انسلاخها عن معانيها الأصلية. ولا تقتصر هذه الظاهرة على لغة أو مجموعة لغوية بعينها، بل هي منتشرة على كامل امتداد الخريطة البشرية.

✉️-ilv@inlinguaveritas.org
-This site ows its conception to Sarah Frantz-
-Ce site doit sa naissance à Elian Carsenat--